قطع البازل المفقودة..



كنت أُشاهد مقتطفات من المسلسل الكوري (Winter sonata) حينما استوقفني مشهد بطلة المسلسل(يوجين) وهي تضع قطعة البازل المفقودة في لوحة بازل بمكتب البطل(جون سانغ) ليكونَ ذلك دليلاً على أنها ذلك الشيء المفقود في حياة البطل..وها هو يعود مرةً اُخرى
بعيداً عن أحداث المسلسل المفرط في الرومانسية ربما اللاواقعية ..
فقد لا حظتُ فعلاً أن حياة كلٍّ منا عبارة عن لوحة بازل وأحداثُها هذه القطع التي تُشكِّلُ اللوحة ولا أحد يستطيع أن يرى الشكل النهائي لها إلا مع خروج آخر نفس منا..فبعد الموت يستطيع الناس أن يروا شكلها العام حتى ولو بقيت بعض القطع مفقودة..وفي الغالب تظلُّ بعض القطع مفقودة..فهناك فراغات في حياة كلٍّ منا نسعى لمَلئها بلا جدوى وليس من المعقول أن نُحَمِّلَ أحد مسئولية ملء هذه الفراغات ومُحَاولة البحث عن المفقود..هذه مبالغة درامية غير مقبولة في نظري..يجب ألا ننتظرَ أحداً ليملأَ فراغاً ما في حياتنا علينا أن نجد القطع بأنفسنا وتكفينا المُحاولة..ربما حالفنا الحظ ووجدنا من يُساعدُنا في إيجادها..لكننا في الغالب سنبحثُ وحدنا..
إذا تخيلنا أن لكل منا لوحة موجودة في مكانٍ ما ما بين الحقيقة والخيال إذن فهي تُضاف لها القطع يوماً بعد يوم حتى نهاية الرحلة..بإمكاننا أن نرى لوحات يغلبُ عليها الضباب والسريالية كغموض أصحابها وشدة كتمانهم وتقوقعهم على أنفسهم،ولوحات واضحة  طبيعية كإشراقة الشمس..كإشراقة أصحابها وبشاشتهم وإقبالهم على الحياة،ولوحات ذات قطعٍ صغيرة جداً ذلك لأن أصحابها عاشوا حياةً صاخبة مُزدحمة ذات إيقاعٍ سريع مُتَعَاقِب ، وأخرى ذات قطعٍ كبيرة وتلك للذين عانوا الرتابة والملل في حياتهم..الحياة لديهم مجرد ليلٍ يَتبعهُ نهار ونهارٌ يأتي من بعده ليل ..ولوحاتٌ ستدهشنا بجمالها وروعتها..وأخرى ستبدو كصورة فتوغرافية بدائية..ولوحات تجعلنا نبتسم..وأخرى تجعلنا نبكي...إلخ
بالتاكيد ستُعطينا كل لوحة أكثر من إحساس في آنٍ واحد وإن غَلُب عليها إحساسٌ ما..
لكنهم جميعاً ليسوا كاملين..اتفقوا على أن تكون بعض القطع مفقودة..نعم سنظل نُعاني من الفراغات والنواقص في حياتنا..طرقٌ كثيرة لم نُكملها للنهاية..أشياءٌ فقدناها ولا ندري لماذا وأين فُقِدت؟!..وحكاياتٌ انتهت قبل أن تبدأ وآمالٌ عريضة تقازمت مع الوقت..متسلسلة من الأحداث تفقد إحدى حلقاتها كل فترة من الزمن..
إنها الحياة..لوحةُ البازل التي لن تكتمل



ندى

تعليقات

  1. كتير اشتقت لكتاباتك واشتقت ليكي اكتر واشتقت للاوقات حلوة قضينها مع بعض صعب تتنسي من اروع ما قراءت ياندى

    ردحذف
  2. فينك يا أسماء؟! فينك!!
    وحشتيني جدا والله..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدهر الجهنمي

ردي على قصيدة (إلهي أبعد الواشين عني) للشاعرة الكبيرة (زاهية بنت البحر)

مُجاراتي لقصيدة (تعالَ) للشاعرة القديرة عطاف سالم..