تخاريف آخر الليل...(2)




اعتزمت الرحيلَ لأقصى مجاهلَ الروح ،لأحتسيَ فُنجاناً من قهوة الذكريات
تحت ظلال شجرة الزمن التي اكتست بالبنفسج ذلك الصباح ،وما أشدُّ سعادتي حين أدركت أنها تصبح ملاذاً للطيور في ذلك التوقيت من العمر...
ارتشفت بضعة رشفاتٍ صغيرة من فنجاني..وعلى غير عادتي مع القهوة لم أستمتعْ بها هذه المرة ،فمرارتها قوية والسكر يكاد يكون مُنعدماً ،فسكبتها على كومة من الترابِ بجانبي...أرخيت ظهري على جذع الشجرة وتنفست بعمق وأنا أتأمل المساحة الممتدة أمامي من العمر..كانت رمادية مُضبّبة لا شيء فيها سوى الغموض...ولم يحُد من استغراقي في التأمل سوى صوت زقزقة عصفورين لهما ريشٌ مُذهَب يتحدثان فوق رأسي...كانا يتحدثان حول القدر والخير والشر..ولِم يُخلقُ البعض في الشقاء ،والبعض في الهناء؟!!
ظلّا يتفلسفان ويتجادلان لعلهما يصلان لجوهر الحقيقة..وحين تعبا
من  كثرة الجدال بلا جدوى..شرعا في إطلاق أغرودة للفضاء
فحواها «إن طال الشقاءُ أو الهناء..للحياة عتبةٌ ما ستنتهي
عندها ،والموت لا يميز بين الأحياء» وأخيراً استسلما لنومٍ عميق..
فتبسمت..وتلفتُّ حولي  فإذا بكومة التراب قد أنبتت زهرةً زرقاءَ
اللون..فأيقنت أنها زهرة الحكمة...


ندى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدهر الجهنمي

مُجاراتي لقصيدة (تعالَ) للشاعرة القديرة عطاف سالم..

ردي على قصيدة (إلهي أبعد الواشين عني) للشاعرة الكبيرة (زاهية بنت البحر)