الرؤية النقدية للقاص والشاعر الكبير سمير الفيل حول ديواني "اعترافات أنثى"

 
أنفاس الرومانسية وخطوطها في ديوان" اعترافات أنثى"
 
بقلم: سمير الفيل
 
 

1

ندى نصر في ديوانها الاول " اعترافات انثى " ، تقدم مشروعا بسيطا للقصيدة الرومانسية ، بكل ما فيها من لوعة وغرام، وإحساس طاغ بما يمثله لها العشق من ضرورة. لذلك كانت نصوص الديوان تغترف من معينلاواحد هو " الحب " بكل تجلياته ، فلو أنك أسقطت العناوين لوجدت نفسك فيحضرة قصيدة واحدة ، تسير في مجرى إنشادي متشابه . وكل قراءة ممكنة للديوان تشدنابخيوط لا تكاد ترى لهذا النفس الرائق الذي يجعل الحب معادلا للوجود.
إن أية قراءة للديوان ستدفع بالقاريء نحوتخوم العلاقات الأبدية بين الأنثى والرجل ، في مسارات تجمع النقائض ، فالحب لايستكمل معناه إلا بوجود الآخر ، ومعنى هذا أن كل طرف عليه أن يقبل بتقديم تنازلاتما ، من ناحيته ، وإلا سقط المشروع في الفراغ . ويمكن أن نضيف إلى هذا أن تلك المشاعر الرقيقة التي لم تخضع بعد لكافة المحكات الواقعية ستظل أقرب إلى الحلم حتىتصطدم بصخرة الحقيقة التي تجمع الرقة والخشونة ، القوة والضعف ، القرب والبعد ، وهكذا..من ثنائيات ضدية تشكل شبكة معقدة من المعاني والدلالات.
2
لكي نتعرف على طبيعة علاقة الحب ، سنتوقفأمام بعض النصوص التي تعالج تلك الفكرة ، وتدفع بها لبداية الرؤى التي نقبض عليهاعبر مناطق تكشف سر العلاقة ، وسوف نكتشف أن المرأة تضع نفسها في مواجهة صريحة معمطامع الرجل ؛ فهي تريد ان تستند على حب أصيل ، فيما هو يريد ان ينقض على تلكالأنثى ليحصل على متع حسية . وهي تزود عن حبها بشيء من المصارحة ، فهي لا تستنكفالاعتراف بأمنياتها ، وبكونها جزءا من الرجل ، وترى ان الحب هو نبع نور ، وتزاوجبين نغمة التحقق وأنين الضياع ، وقسوته ، في ضفيرة غنائية واحدة :
" لأنك مني / أعاند فيك احتضار التمني /أقاوم فيك محالب يأسي .. وإغواء ظني / أتمتم باسمك بيني وبيني / فينساب سحر توسدفيه .. / له نبع نور بحضن الجبال أراه / بحلمي في كل ليلة وجدٍ .. يهم بعيني /لأنك مني "( لأنك مني ، ص 13).

3

لكننا نقول أن علاقة الحب التي تشكلهاالشاعرة في قصائدها تحمل تراث " الأغنية المصرية " بكل تراتبيتها في طبيعةالعلاقة الحرجة ، والوقوف أمام الحبيب لمجادلته ، وتعنيفه ، ومحاولة ترقيق مشاعره، وتذكيره بكل ما قدمه من هجر وإساءات ، وعدم مقابلة الحب الحقيقي بمثله. النصوصتجري في هذا التيار ، والمسألة حسب ظني مستقاة من كم هائل من القصائد التي تذهب فيهذا الاتجاه ، وفيها استعراض لمدى الاخفاقات التي صاحبت العلاقة من توتر ، وصد ،وهجر ، فالأسف هو عنوان تلك العلاقة التي تبدو على الحافة دائما ، معرضة دائماللانتقاص ، حيث يشيع النقص والكدر والنكوص :
" حطمتَ أعشاش التسامح خلسة / أزهقتدفئا آمنا / هادنت خوفي مجحفا / كي تقتل التوق المهاجر في دمي / الآن أخبرني وقل /ماذا تبقى في يديك ؟! / ما عدت حملا للبقاء بربقة الأرض الخواءْ / ولديك أشواقي /وأوجاعي / وأشعاري / وثوراتي / وأحلامي ، وكل دقيقةٍ عشت الحنينَ بها .. سواء (ودقت أجراس الرحيل ، ص 30).
إن هذا الخطاب المغرق في الحزن يأتي نتيجة إحساسقوي بالفقد ، وهنا تبرز من ثنايا الديوان ، ثيمة الحب التي تعطل الشعور بالفرح ،لذلك لن يكون غريبا أن يأتي الاقتراح بالفراق كنتيجة منطقية لعدم الشعور بالأمان .وهو خطاب محجب لا يصل إلينا سافرا إلا بعد محاولات للإخفاء والمدارة ، وحين نبحثعن الموضوعية في منطقة تعتمد على العاطفة سوف يواجهنا خطاب آخر مختلف في بواعثهومفرداته:
" ولنفترق !! / وهل التقينا ذات يوم يامناي لنفترق ؟! / أوليس كان لقاؤنا فوق المعابر يختنق ؟! / أو ليس ذاك القلبمنطفيءُ الرؤى / يغشى مداه الملحُ والفكر القلق ؟؟ " ( ولنفترق ، ص 36).
هي مساحة مفتوحة ، يمكن للقلم أن منها ينتزعصورة جمالية باهرة ، تتمثل في أن القلب سيغشاه الملح ، رغم اعتراف مؤجل بأن الحبمازال ساريا في الوريد . لكنها إحدى رسائل الغرام المختنق كما نراه من قبل عندنزار قباني وفاروق جويدة. حين يعلو صوت من داخل النص ليدين المجتمع ( لدى نزار) أوليدين الحبيبة ذاتها ( لدى جويدة ) ، وما نراه ان الافتراق يبدو كأنه قدر منالسماء بلا مبرر ، وبدون أسباب مقنعة ، غير العصيان والقلب المتحجر، والنفسالأمارة بالسوء.
بالرغم من كون القصيدة ذاتها محملة بأشواقحارة وومضات ساحرة إلا أن النتيجة النهائية تصب في الاتجاه ذاته ، حيث الدموعتنحدر من العيون ، والأنوثة تنكسر في كبرياء ، وهذه" موتيفة " ثابتة فيديوان العشق العربي منذ سنوات بعيدة ، لكنها قد تتدرج في التعبير عن حجم المأساة ،أو تصب في مجرى الحياة ، مرة واحدة كالفجيعة :
قل لي ـ بربك ـ كيف من تيك الأمومة أنعتق ؟! / ولنفترق / تتفوضحُ الأحزانُفي مدِ الدموعِ وتستهين بكبرياء أنوثة ٍ / مطعونةٍ ـ ألما ًـ تئن وتحترق ؟! /تتساءلُ الأحناءُ وسط تشوهاتِ مآلها / ماذا تبقى في الدروب / وكل ما رتق َاصطباراً ينفتقْ ؟! " ( ولنفترق ، ص 39).
4

تبدو الشاعرة مشغولة انشغالا مصيريا بفكرة " الظلمة والنور" ،كثنائية تبثُ في عدد لا بأس به من قصائدها ، حتى وإن ابتعدت عن الجانب العاطفيالذي وسم الديوان ، فهي قلقة ، متوحدة مع همومها ، تقلب أفكارها على نار هادئة ،تحاول أن تنزع نفسها من الصور التقليدية غير أنها تراوح في المكان ذاته ، وبفضلأحاسيسها المرهفة تعالج أفكارا عصرية بشيء من التنميط الشعري ، لكنها في بعضالنصوص  تحاول ألا تقع في دائرة "القولبة " ، لأنها مهمومة في الوقت ذاته بالتفتيش عن حاضنة طبيعية للنفسالهادئة ، اليقظة ، الحالمة . علها تنقذ نفسها من " الخرس " الاجتماعي ،وأجدها صادقة في تنضيد معارفها ، وهي تحاول أن تنقذ الروح من التنميط ، فتجري فيذات الاتجاه ، ثم تعدو في الاتجاه النقيض .
ربما كان هذا باعثا للخوف من خطواتها المتسرعة  في مستقبل الأيام ، كي لا تقع في دائرة الحقد أوالحسد ، فلوحة العمر تصفو من كل كدر :
" فراشاتي / وحلمُ الروح ِ بين َ مراقيَ القمر / مسحنَ الحزن َ عن أحداقأخيلتي / .. وكن النورَ في السفر / فإن الظلمة َ الخرساء َ أضنتْ ماضيَ الزهر ِ /حملن الدفءَ ألواناً مبعثرة ً / لتُرسم َ لوحة العمر ِ/ فيصفو ما تبقى من سرائر ِصحفةِ القدر ِ" ( تجريدية روح ، ص 62).

5

تنتقل الشاعرة انتقالا هادئا ، بين دوائر مختلفة ، تسعى لتأويل المشاهد ،والحكايات ، والمرويات ، في الغالب كشاهد عيان ، وتقترب من الأبحر القصيرة ،الراقصة حين تكون في حضرة الحب ، لكنها قد تختار بحورا شعرية طويلة مع النفسالحكائي الذي تريد أن تبسطه عبر قصائدها ، وتأويلاتها في الغالب ليست متعسفة أومغاليا  فيها ، خاصة أنها ترسم الصوربريشة  خفيفة تسبح في فضاء ساحر من لغة مختارة بعناية .لغة متقشفة ، وأنيقة في آن ، تحاول أن ترتفع قليلا عن متاعب الأرض ، فتستشرف سمواتبعيدة ، فيما هي تكتب نصا من وحي " مائة عام من العزلة " لماركيز ؛فنراها تستحوذ على " خبيئة شعرية " حين تغامر في تشكيل صورها البكر هذهالمرة ، حتى أننا نظن أننا أمام تجربة شعرية مختلفة كليا ، في بنيتها وتشكيلهاالفني .
ولم لا ، وهي تعاين وقائع حميمية ، من حياة بشر بعيدين في المكان ، لكنهميبدون قريبين كل القرب منها ؟ حين تتحد مشاعرها بمشاعرهم ، لكأن الكل في واحد .وينبعث من الطين إغواء قديم ، يتجدد مع تجدد الحياة ، بكل صخبها ، وسعي البشرلاقتناص المتعة ، اقترابا من غواية لا تُحد ، والخلاص من كل ما هو أرضي محدود .إنها مشيئة البشر حيث العزلة تقوض سكينة النفس البشرية ، المعروفة بنقائصهاوتقلباتها المحيرة :
" وتصدعتْ أغصان ُ بيت الكستناء / لا زهرةً يـُلقي النسيم ُسلامها /لا بسمة ً يرتاحُ عند غديرها روحُ العناء ْ / بيتٌ تبنَى الرغبة َ الشوهاء / والطينُ الغَوي ُّ.. نِساله ُ قيد ُ الفناء / معقوفة قدمُ السنين نجر ُ خيبةَ َ ظننا /وفتاتَ أحلام ٍ تشعبهُ الثرى ..يقتاته طيرُ البقاء / عجفتْ عقول ٌ.. قد طواهاالخمر ُ في قاع ِ الموات ِ / وما تبقى في جرار الروح ماءْ  " ( من وحي القلق ، ص76).

6

القضية إذن لم تستوفي أوراقها ، والمسألة  ليست في حصر الصورة في نطاق ضيق لتكون بتلكالكيفية ، بل هي تتماهى مع مواقف حياتية ووجودية ملحة ، كونها تطرح أسئلة جديدة عماوراء  " العزلة " ، في توقيتمتقارب مع إحساسها بصيرورة الزمن المراوغ . غير أن الشاعرة تصر على اصطحاب الحكمةفي مشوارها المجهد . إنها تتسلح بروح الموعظة في موقف مناقض للمستقر والناجز .تقترب من نطاق الحكمة الرصينة غير أن طبيعتها البشرية ، العفوية ، والمنطلقة تجعلالنص مغلقا ، ولا ينطلق القوس لأقصى ما به من اتساع كي لا يذهب السهم بعيدا . لفظة" دع" ليست أمرا لكنهها تمثل حالة من حالات  التبتل ، وفي الكلمة قدر من التوسل المسالم :
" دع زمانا ً لم يصنْ فيه الُمنى / فارتوى منا لهيبا ً مثخناً / زادتالأحمالُ في كفِ الجوى / صولةُ الأيام ِ أدمت ظلنا / قد تخذنا من ضيانا مَسكنا /واسكب الأحلامَ خمراً في دمي / ربما أضحت خيالاً ممكنا / إنني آويتُ شطآنا دنتْ /من رمالي .. وارتجتني محضنا " .. ( إنعزال ، ص82).
رشاقة الألفاظ مع موسيقى العبارات ، تتعانق مع الرؤى المجنحة التي تذكرنابروح التفاؤل عند مدرسة المهجر ، وهو الشيء الذي نلمسه في تلك الأبيات التي تبدو أقربلضربات الفرشاة في المدرسة التأثيرية التي تهتم بإبراز الضوء في اللوحة. وهو نفسما تفعله ندى نصر باللغة في تلك المقاطع القصيرة التي تشبه في إيقاعها حركة الموجبين مد وجزر ، فيما القمر يسحب نوره بهدوء ثم تعبر سحابة مسرعة ، وما يلبث الضوءأن يغمر المكان.
بدايات الأبيات تحمل ذات المقاطع الخفيفة ، والتكوينات اللغوية المنسابة ،كأننا أمام لحن موسيقي ، مفعم بالبهاء ، ولا يغيب عن بالنا ما بالجو نفسه منعلاقات مشهدية أقرب للطقس الرومانسي الذي صادفنا في بداية الديوان :
" كلُ رطب ٍ في مروجي مفعمُّ / بتناسيمَ هوىً فيَّ اغتنى / لا تلمنيإن توسدتُ الرُبى / وتلحفتُ السحابَ اللينا / وتركتُ الوقتَ يذكي ظبيةُ / لست أصغىلزمانٍ قد خنا / فتعال الآن َ قد حان الكَرَى / بينَ نهرٍ وأصيلٍ دندنا " (انعزال ، ص 86).

7

تمتلك الشاعرة القدرة على التحول من مناخ كتابة رومانسية شفافة كما رصدناهنا بعض النماذج منها ، إلى مناطق تنحاز فيها للوطن ، وهي تدفع الظواهر التيعايشتها في بلادها لتحتل صدارة المشهد . لا تتخلى ندى نصر نصحي عن مصداقيتها فيمعالجة تلك القضايا التي تختلف كلية عن مسائل العواطف بما فيها من ذاتية ، فهيتتخلى عن طوع عن رومانسيتها لتدقق في المشهد الذي أمامها ، فنراها تصدر لنامشاعرها بحماس متقد ، وبصدق يصل إلى درجة الاعتراف باستيلاء الحزن على كيانها ،فهي في كل أحوالها تبحث عن " لحظة صدق" ، وتقف لتعري الزيف الذي أصابالحياة من حولها فهبط الحزن على البيوت الساكنة ، ولم يعد يفارقها.
هي صورة سوداوية ، مأساوية ترصدها الشاعرة عبر صور عدة ، لكنها تستخدمالصور المألوفة ، والدلالات المتكررة ؛ فالليل هو الظلم ، والفقر يبطش بالمدينة ، حيثلا يمكنها أن تتجاهل تلك الحقائق فترصدها متشحة بالشجن فيما يعلو الأنين في مدينةالدموع :
" أماهُ قد فاض الحنينْ / لحياةِ صدق ٍ غير هاتيكَ الحياة / فالغدرُوالتدليسُ والتدنيسُ قد صاروا دراويشَ الحياة / من قالَ أن الليلَ ولىَّ وانقضىجورُ الطغاة ؟! / من قال أن الحزنَ فارق َ البيوتَ ، وانتفى مسرى خُطاه ؟! / منقال أن الفقرَ نامتْ ريحُهُ الهوجاءُ / وامّحَتْ من الدنيا مآسيْ حنقهِ / وغابَوجهُهُ القبيحُ من عيون ِ الكادحين ؟!" ( جراح في كفوف الوطن ، ص88).
إن تجربة التعبير عن مشاعر الانكسار والحزن تحتل جانبا كبيرا من قصائدالديوان ذات الحس الاجتماعي ، وفيه تتحرر الشاعرة من رطانة العشق بكل تجلياتهلتصطدم بما في الحياة من جوانب سلبية جعلتها تتخلى جزئيا عن بهجتها المفرطة التيلازمت قصائدها العاطفية.
أحسب أن هذا الحماس المفرط قد أدى لوقوع الشاعرة  في هوة المباشرة حين تصر على أن يعلو صوتها ـالذي كان هامسا ـ كي تكشف ما وجدته من عجز وقلة حيلة ومؤامرات خفية، وضعف بين .
 تواجهها الشاعرة بالفضح العلني ،غير مكترثة بما للشعر من بهاء وسمو وعلو فوق الأحداث المعلنة في حياة لا تخلو منمكائد وعثرات وانكسارات ، تطول كل شيء فيما حولها ، بما فيه الوطن ذاته :
" مدينة الحضارة ِ الأسمى / سليلةُ المجدِ الرفيع / تصيرُ تابوتاًيضمُ أمنياتِ العاجزين / ماذا سنُبقى بعدنا غير اهتراءات ٍ / وتاريخ ٍ / .. يعجُبالجدال ِ والمؤامراتِ والهوى وزيف الكاذبينْ / عارُّ علينا أن نعيشَ صامتين ْ!" ( جراح في كفوف الوطن ، ص 89).

8

تتقدم الشاعرة خطوة في هذا الطرح لتعالج الثورة ذاتها بالاشتباك معمعطياتها ، نراها هنا قد تمكنت من لغتها ، وأيقظت ذاتها الشاعرة ؛ كي تقبض علىلحظة تاريخية من مسيرة شعب يتلهف للتغيير ، ويهب في ثورة . سنراها هنا نعودللقصيدة الكلاسيكية التي تعطي فيها أكثر ، فتملك ناصية اللغة ، وتجيد تصويرالأحداث بفهم ووعي ، ودون صوت صارخ أو أدوات تقليدية تركها الزمن خلفه :
" يا أمتي لاح فجرُّ وانحنتْ ظلمُ / حقَ التمردُ فالأرواح تضطرمُ /خلف المآسي شعوبُّ أُترعتْ وهناَ / بيعتْ عروبتهم والعزُّ يهتدمُ / في جعبة الفقركم من ثورةٍ كُبحتْ / والجوعُ كالنارِ للأحشاءِ ملتهم ُ / عصا الفراعين  لم ترحم شكايتهم / واستأصلت همماً ـ ظلماً ـ فمانَقِموا / سالتْ دماءُ أمانيهم بأضرحةِ / ضمتْ تباشير صبح ٍ جاءَ يبتسمُ " (للظلم ثورة ، ص 95).

9

تختتم الشاعرة ديوانها بأنشودة مليئة بالبهجة ، تطفر بالأمل ، وكأنها تردعلى ما شاب بعض قصائدها السابقة من مساحات للحزن .  تبدو الأسطر الشعرية قليلة ، وكأننا إزاء "مارش "  ختامي ، لنطوي بعد ذلكصحائفنا ، ولنرنو للمستقبل بشيء من الثقة والتوازن النفسي الذي لم نصادفه كثيرا فيأوراق الديوان . هنا تبسط مشاعرها بقدر كبير من الفرح والأريحية في التعامل معوطنها الذي تجد فيه كمالها ، ونفسها التي وزعتها أحزان القلب:
" يا مصُر كوني بخيرٍ / فأنت ِ قبلةُ روحي / أحببتُ فيكِ نعيمي /وشقوتي وجروحي / أنتِ البهيةُ مهما / خذلت ِ فيّ طموحي / أنتِ العظيمةُ مهما /صددت ِ صبوةَ نوحي / القلبُ تُِمَ يا من / نسيتني في سُهادي / والروحُ فيّ سقيم ُّ/ يا جُلّ جُلَ مرادي " ( يا مصر كوني بخير ، ص 102).



ندى نصر نصحي عبدالباقي ، المولودة في دمياط يوم التاسع من أكتوبر عام 1988، صوت شعري طالع ، ننتظر منه الكثير ، ونرى أن ما قدمته في ديوانها الأول بغضالنظر عن ملاحظاتنا الفنية المختلفة ، يوميء لمشروع شاعرة واعدة ، مترعة بالصدق ،قادرة على أن تطور أدواتها باتجاه قصيدة أكثر عصرية وأقرب للحداثة.


سمير الفيل
دمياط في 22 فبراير 2015

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدهر الجهنمي

ردي على قصيدة (إلهي أبعد الواشين عني) للشاعرة الكبيرة (زاهية بنت البحر)

مُجاراتي لقصيدة (تعالَ) للشاعرة القديرة عطاف سالم..