قراءة في رواية 1Q84 لهاروكي موراكامي

انتهيت أخيراً من الثلاثية العبقرية 1Q84 لهاروكي موراكامي ،ولم أكن أريدها أن تنتهي..كنت أود البقاء أكثر في عالم تنغو وأَومَامِه الغريب..بعد الإنتهاء من هذه الملحمة الخرافية ستشعر أنك لست أنت ربما تعيش في عالمٍ آخر ليس عالمك الحقيقي وربما تعيش في عالمٍ موازٍ لعوالم أشخاصٍ آخرين ستلتقيهم فيما بعد وتربطك بهم أحداث مثيرة ،ستشعر أن هذا الهاروكي ليس مجنوناً وإنما يقدم لك الجنون بعقلانية شديدة عليك فقط تقبله كواقع! 
عندما تقرر أن تقرأ رواية تقع فيما يزيد عن 1500 صفحة إذن فأنت من النوع الذي يتحمل بعض الإطالة و الإسهاب..ولكن الإسهاب لدى هاروكي ليس من النوع الذي يدفعك إلى الضجر ومن ثم عدم إكمال الرواية إلى الأبد ،إنه من النوع الذي يستغرق في وصف الشخوص والأماكن والمشاعر المسيطرة بصورة بانورامية حتى يستحوذ على حواسك كاملةً وكأنك أحد الأشخاص المراقبين للمشهد ،ستجد أنك أمام روائي مُحترف يُعطيك بعض الإطالة كاستراحة بين اندهاشةٍ وأخرى!!
ليس هاروكي من النوع الذي يكشف أوراقه كاملةً أمام القارئ وقد عهدت ذلك معه في روايته "كافكا على الشاطئ" فبعض الأمور تبقى غامضة للنهاية ،وربما اعتبر البعض ذلك عيباً ولكننا لسنا أمام رواية بوليسية تتكشف حقائقها جميعاً في الصفحات الأخيرة ،إنها رواية غرائبية يكتنفها الغموض لذا يجب أن تحافظ على نسيجها الغامض حتى النهاية فتخرج منها وكأنك تحت تأثير بعض القوى السحرية.
السرد لدى هاروكي حيوي أخّاذ وعدسته دقيقة تصوِّر مشاهدها بعناية وبدرجة عالية من الدقة ،الحب لديه هو مفتاح الهروب من الألم وهو المُحرِّك الحقيقي لأحداث الرواية ،صحيحٌ أنه ليس منطقيّاً أن يتذكر رجلٌ وامرأة بعضهما البعض على مدار عشرين عاماً بلا لقاء ،بل ويرغبان بشدة أن يجدا بعضهما البعض والرابط الوحيد بينهما إعجابٌ طفوليٌّ عابر نشأ بينهما وهما في سن العاشرة وثقته لمسة يدٍ بريئة من أَوْمَامِه لتنغو ، لكن لا شيء يبدو مُستحيلاً لدى هاروكي الذي يجعلك تتخلى عن منطقيتك تماماً وتستسلم لمنطقه المجنون .

ندى

تعليقات

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدهر الجهنمي

ردي على قصيدة (إلهي أبعد الواشين عني) للشاعرة الكبيرة (زاهية بنت البحر)

مُجاراتي لقصيدة (تعالَ) للشاعرة القديرة عطاف سالم..