في السنة الثامنة والعشرين




في السنة الثامنة والعشرين..

هذا اليوم يشبه الكثير من الأيام التي مرّت قبله..ما يختلف فقط هو الرقم الذي يزداد في كل مرة ، واليوم هو بداية السنة الثامنة والعشرين..نعم أنا مازلت في العشرينيات ،مازلت صغيرة في نظر البعض..لكني قد كبرت كثيراً في نظر نفسي..كبرت لدرجة أنني عندما أنظر إلى الوراء أتعجب كيف كنت هذه الفتاة أو هذه المرأة؟! كيف كنت أرى الحياة بهذه البساطة..بهذه النظرة البريئة..لماذا لم أرَ هذا الكم من الالتواءات في الطريق..لربما تفاديتها أو ربما ارتديت نوعاً مناسباً من الأحذية تعينني على المرور بسلام وسط هذا الكم من الحجارة والتماثيل المُهشمة والأقنعة المُهترئة ،كان يجب أن أكون أكثر يقظة حين اضطررت لمواجهة الخفافيش في هذا الظلام الذي يملأ العالم من حولي..لكني آمنت أن لا شيء يدوم في هذه الحياة وإنها مجرد مراحل تُسلِّمنا لبعضها البعض ويجب أن نمر بها كي إلى نصلَ إلى الحقيقة وهي أنّ لا شيء دائم..فالحزن والسعادة والحب والكره والحلم والخوف والصداقة والطموح والفشل والنجاح والحرب والسلام..كل هذه المُسميات لا تدوم لأن العمر وهو البوابة المُغلقة على تلك المُسميات لا يدوم..الديمومة في الوجود لله وحده..وكل ما سواه فانٍ.
لذا فإني لن أنظر للوراء بعد اليوم ،سأغتسل من عناء الطريق وأصالح نفسي وأحتسي قهوتي الدافئة وأنا أنظر للأمطار من النافذة أو أقرأ كتاباً في فراشي أو أضع سماعات الرأس على أذني وأستمع لأغنياتي المفضلة وأغني معها بصوتٍ عال .
سأتذكر فقط كي أضحك كثيراً لا لكي أبكي..سأحتضن قصائدي بشغف فالشعر هو الجندي الشجاع الذي بقي في ساحة المعركة ولم يتخلّ عني مثلما فعل الكثيرون ،ولأنه ليس من عادتي أن أمزِّق قصيدة ندمت على كتابتها ،فكلُّ واحدة كانت دليلاً على احتفاظي بقوتي حتى في أصعب لحظات الضعف.
حتى أولى قصائدي التي لم تكن سوى خواطر وضعتها كرهاً في قالبٍ شعري مازلت أحتفظ بها حتى الآن بعد مرور عشر سنوات..أقرأها أحياناً كي أضحك لا أكثر..
أتذكر أنني قدمت إحداهن لإدارة الكلية التي كنت أدرس بها كي توضع في المجلة الجدارية التي يصدرها اتحاد الطلبة..وجاءني أحدهم ليخبرني أن القصيدة قد تم رفضها من قبل عميدة الكلية في ذلك التوقيت..وأتذكر أنني عدت إلى البيت يومها غارقةً في بكائي وجاهدت أمي كي تهدئني وتخفف عني..ومازلت على ثقة أن عميدة الكلية لم تقرأ القصيدة ولم تطلع عليها..كل ما في الأمر أنني لم أكن من (شلة) اتحاد الطلبة الذين يتم اختيارهم بالإسم كل عام ،كنت ضعيفة لدرجة أنني لم أذهب يومها للعميدة لأسألها هل قرأت القصيدة بالفعل؟ ولماذا رفضتها؟! لماذا لم أدافع عن حقي..عن الشيء الذي أمتلكه ؟!على الرغم من أن القصيدة لم تكن ذات توجه سياسي أو ديني أو غيره !! مجرد قصيدة بسيطة كتبتها فتاة في الثامنة عشر من عمرها..
وأنا أيضاً الآن أتذكر كي أضحك..
أخيراً..من يستحقُّ الحياة هو من يحياها قويّاً بعيداً عن الوهم والقلق والخوف..

كونوا أقوياء ما حييتم :)

ندى
8-10-2016



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدهر الجهنمي

مُجاراتي لقصيدة (تعالَ) للشاعرة القديرة عطاف سالم..

ردي على قصيدة (إلهي أبعد الواشين عني) للشاعرة الكبيرة (زاهية بنت البحر)